سورة الأنبياء - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنبياء)


        


{وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ (11) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ (12) لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (13)}
{قَصَمْنَا} أي أهلكنا، وأصله من قصم الظهر أي كسره {مِن قَرْيَةٍ} يريد أهل القرية: قال ابن عباس: هي قرية باليمن يقال لها حضور، بعث الله إليهم نبياً فقتلوه فسلط الله عليهم بختنصر ملك بابل فأهلكهم بالقتل، وظاهر اللفظ أنه على العموم لأن كم للتكثير، فلا يريد قرية معينة {يَرْكُضُونَ} عبارة عن فرارهم، فيحتمل أن يكونوا ركبوا الدواب، وركضوها لتسرع الجري أو شبهوا في سرعة جريهم على أرجلهم بمن يركض الدابة {لاَ تَرْكُضُواْ} أي قيل لهم لا تركضوا والقائل لذلك هم الملائكة. قالوه تهكماً بهم، أو رجال بختنصر إن كانت القرية المعينة، قالوا ذلك لهم خداعاً ليرجعوا فيقتلوهم {أُتْرِفْتُمْ} أي نعمتم {لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ} تهكم بهم وتوبيخ أي: ارجعوا إلى نعيمكم ومساكنكم لعلكم تسألون عما جرى عليكم، ويحتمل أن يكون {تُسْأَلُونَ} بمعنى يطلب لكم الناس معروفكم وهذا أيضا تهكم.


{قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (14) فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ (15) وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (16)}
{قَالُواْ ياويلنآ} الآية اعتراف وندم حين لم ينفعهم {حَصِيداً خَامِدِينَ} شبهوا في هلاكهم بالزرع المحصود ومعنى {خَامِدِينَ}: موتى وهو تشبيه بخمود النار {لاَعِبِينَ} حال منفية أي ما خلقنا السموات والأرض لأجل اللعب بل للاعتبار بها، والاستدلال على صنعها.


{لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ (17) بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (18) وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20) أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (21)}
{لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّآ} اللهو في لغة اليمن: الولد، وقيل المرأة، و{مِن لَّدُنَّآ}: أي من الملائكة، فالمعنى على هذا لو أردنا أن نتخذ ولداً لاتخذناه من الملائكة، لا من بني آدم، فهو ردّ على من قال: إن المسيح ابن الله وعزيز ابن الله، والظاهر أن اللهو بمعنى اللعب لاتصاله بقوله لا عبين.
وقال الزمخشري: المعنى على هذا لو أردنا أن نتخذ لهواً لكان ذلك في قدرتنا، ولكن ذلك لا يليق بنا لأنه مناقض للحكمة، وفي كلا القولين نظر {إِن كُنَّا فَاعِلِينَ} يحتمل أن تكون إن شرطية وجوابها فيما قبلها، أو نافية، والأوّل أظهر {بَلْ نَقْذِفُ بالحق عَلَى الباطل} {الحق} عام في القرآن والرسالة والشرع وكل ما هو حق، {الباطل} عام في أضداد ذلك {فَيَدْمَغُهُ} أي يقمعه ويبطله، وأصله من إصابة الدماغ {وَمَنْ عِنْدَهُ} يعني الملائكة {وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ} أي لا يَعْيَوْن ولا يملون {أَمِ اتخذوا آلِهَةً مِّنَ الأرض هُمْ يُنشِرُونَ} أم هنا للإضراب عما قبلها، والاستفهام على وجه الإنكار لما بعدها {مِّنَ الأرض} يتعلق بينشرون؛ والمعنى: أن الآلهة التي اتخذها المشركون لا يقدرون أن ينشروا الموتى من الأرض، فليست بآلهة في الحقيقة؛ لأن من صفة الإلهة القدرة على الإحياء والإماتة.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8